مقابلة حصرية مع منير رحماني: كيف حمل أسامة الصحرواي ألوان المنتخب المغربي ؟

أجرينا حوارا مع السيد منير رحماني، منقب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في الدول الإسكندنافية. يتمتع السيد رحماني بخبرة كبيرة في مجال اكتشاف المواهب، إدارة الرياضة والتسويق .

في هذا الحوار، يشاركنا رؤيته حول دوره في اكتشاف المواهب، تأثير قرار أسامة الصحرواي (لاعب ليل الفرنسي) بتمثيل منتخب المغرب، وأفق تطور كرة القدم المغربية بحلول عام 2030


1. يعتقد البعض أن عمل الكشاف سهل ولا يتطلب جهدا. كيف ترد على هذا الرأي؟

العديد يعتقدون أن وظيفة المنقب عن المواهب سهلة، لكنهم لا يدركون مدى تعقيدها، خصوصا كوني منقب للجامعة الملكية المغربية. عملي ليس مجرد متابع لمباريات كرة القدم، بل يحتاج إلى عين خبيرة لاكتشاف المواهب: التفاصيل، الشخصية، والخلفية. إنه عمل يتجاوز حدود الملعب. علم النفس يشكل 70% منه: كيف يتعامل اللاعب مع الضغط، الفترات الصعبة، الفوز والخسارة، والعمل الجماعي تحت الضغط.

يتطلب الأمر سنوات من الخبرة و موهبة خاصة، شيئ تلاحظه العين والحواس بشكل فريد. الكشاف يتابع اللاعبين لفترة طويلة للحصول على صورة شاملة عن نقاط قوتهم وضعفهم (لأنه لا يوجد لاعب كامل) وإمكانياتهم المستقبلية. نحن نبحث عن "العامل المميز"، وليس الكمال، شيئا فريدا يلفت الانتباه. أحيانا ترى مهاجما يمكنه أن يصبح لاعب وسط رائعا، أو جناحا قد ينجح كظهير.

مهمتي ترتبط بمراقبة التفاصيل وفهم اللاعب مقارنة بالمستوى العالمي. مثلا، اللاعبون من الدول الإسكندنافية يتميزون بالقوة البدنية والعقلية، وهم مجتهدون و واثقون من أنفسهم، بينما يتميز آخرون في جوانب مثل المهارات الفنية، اللمسة الأولى، أو اتخاذ القرار. فهم هذه الفروقات حسب الدول والمناطق أمر أساسي لاكتشاف المواهب وتطويرها للمستويات العليا.

2. أسامة الصحرواي اختار تمثيل المنتخب المغربي رغم وجود منافسة كبيرة في مركزه. هل تعتقد أن هذا القرار كان بدافع حبه للمغرب؟ وكيف ترى استعداده للمنافسة؟

تابعت أسامة الصحرواي منذ كان عمره 14 أو 15 عاما، حين كان يلعب في نادي فاليرينغا. موهبته كانت واضحة منذ البداية: لمسة أولى رائعة، فهم للعبة، ومهارات فنية عالية. رغم المخاوف في النرويج بشأن طوله وبنيته الجسمانية في ذلك الوقت، كنت أعلم أنه لاعب مميز. كل ما احتاجه هو الصبر والمدرب المناسب الذي يؤمن بقدراته، وهذا ما حدث في 2019 عندما منحه مدرب جديد فرصة لإثبات نفسه.

تحدثنا عن تمثيله للمغرب منذ عام 2017 أو 2018، وكان متحمساً للفكرة منذ البداية. تم استدعاؤه لأول مرة في 2019 مع المدرب زكريا عبوب لمنتخب المغرب تحت 20 سنة. لاحقا، دعي للمشاركة في بطولة بمصر، لكن مشكلة في جواز سفره منعته من السفر.

كانت هناك تحديات، مثل مشكلة الجواز وجائحة كوفيد، التي عرقلت مشاركته مع المنتخب المغربي. خلال تلك الفترة، اختار اللعب للنرويج، لكننا ظللنا على تواصل. مع تطور الكرة المغربية وتحسن البنية التحتية والمشروع الرياضي، قرر في النهاية أن يختار بلاد أجداده.

النرويج قدمت له الكثير، ويمكن للإنسان أن يحب بلدين، لكن في النهاية يتعلق الأمر بالقيم وما يتماشى مع هويته. قراره كان شخصيا بدافع حبه للمغرب، خلفيته العائلية، وقيمه.

أسامة مستعد للمنافسة رغم التحديات، لأن نقطة قوته الكبرى تكمن في عقليته. يتمتع بثقة نادرة وصلابة نفسية. في كل مكان ذهب إليه، نجح في التحدي وآمن بقدرته على مواجهة أي منافس. إلى جانب مهاراته الفنية وفهمه للعبة، تميزه قوته العقلية.

هو سعيد بقراره وفخور بتمثيل المغرب، وهو اختيار نابع من القلب رغم كل ما قدمته له النرويج.

3. هل تعتقد أن اختيار الصحرواي تمثيل أسود الأطلس يمكن أن يمهد الطريق لاكتشاف المزيد من المواهب المغربية في الدول

 الإسكندنافية؟

أسامة الصحرواي مصدر إلهام كبير للاعبين المغاربة في الدول الإسكندنافية الذين يحلمون بتمثيل أسود الأطلس، بإذن الله. هو أول لاعب مقيم في اسكندنافيا يتدرج في المنتخبات المغربية من الفئات السنية إلى المنتخب الأول. هذا الإنجاز سيفتح بلا شك الأبواب للآخرين في دول مثل السويد، الدنمارك، النرويج، فنلندا، وحتى أيسلندا.

نجاحه يثبت أن الأوقات تغيرت. في الماضي، كان العديد من اللاعبين المغاربة مزدوجي الجنسية في اسكندنافيا يمرون دون أن يلاحظهم أحد بسبب غياب المتابعة. الآن، مع لاعبين مثل أسامة، يمكن للآخرين أن يدركوا أن الفرص موجودة وأن هناك من يتابع تقدمهم.

أسامة نموذج يحتذى به، سواء من الناحية العقلية أو الفنية، حيث يلهم اللاعبين الشباب ويمنحهم الأمل. أعتقد أن جيلاً جديداً قوياً بدأ يظهر، ومن المثير أن نرى ما سيحدث مستقبلا لكرة القدم المغربية.


4. كيف تتصور مستقبل كرة القدم المغربية بحلول عام 2030؟

بحلول عام 2030، أرى أن المملكة المغربية ستكون قوة كبيرة في كرة القدم العالمية. التقدم الذي أحرز في جميع الفئات كان مذهلا، بفضل مجهودات السيد فوزي لقجع والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. لقد جعلوا كل شيء أكثر تنظيما وكفاءة، مما يضع المغرب بقوة على خريطة كرة القدم العالمية.

سمعة المغرب في كرة القدم أصبحت قوية للغاية، وبإمكانه الآن المنافسة في كل المراكز والفئات. مع وجود لاعبين يمتلكون مهارات استثنائية وشخصيات قوية، أصبح المغرب يحظى بالاحترام والفخر في عالم كرة القدم.

لم يكن المستقبل أكثر إشراقا من الآن. هناك اختيارات كثيرة في كل المراكز مع منافسة شديدة على الأماكن سواء في الأجنحة، لاعبي الوسط الهجوميين، المدافعين، أو حتى حراس المرمى. ستكون كأس إفريقيا القادمة خطوة حاسمة لبناء فريق يجمع بين الشباب والخبرة، مما يمهد الطريق لظهور قوي في كأس العالم 2030.

لن أتفاجأ إذا كان المغرب من بين المرشحين للفوز ببطولة 2030. الجهود الجماعية، مخزون المواهب، والرؤية موجودة لتحقيق مستقبل ناجح.

إعداد :
Taha Al Haddad

طه الحداد

مؤسس MoroccanGrinta

Mohamed Reda Alaoui Hamdi

محمد رضا العلوي حمدي

كاتب رياضي متخصص
ومساهم في "MoroccanGrinta"

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال