ما بين تحقيق المعجزة في المونديال ؛ وما بين الإخفاق القاري ؛ وما بين ما هو منتظر في كأس الأمم الإفريقية ... أسود الأطلس مع وليد الراكراكي إلى أين؟
بداية عالمية و غير عادية للركراكي مع المنتخب
المنتخب المغربي في كأس العالم 2022 ترك بصمة استثنائية في تاريخ كرة القدم، ليس فقط على المستوى العربي والإفريقي، بل أيضا على الساحة العالمية، الوصول إلى نصف نهائي البطولة كأول منتخب إفريقي وعربي كان إنجازا فريدا عزز من مكانة المغرب كقوة كروية صاعدة ... الأداء المبهر المبني على دفاع صلب وردود فعل مدروسة ضد أقوى المنتخبات العالمية مثل إسبانيا والبرتغال، كان مثيرا للإعجاب وأعطى المنتخب شهرة عالمية، لذلك ما تم تحقيقه كان شيء إعجازي سيدون بأحرف من ذهب في تاريخ المستديرة.
سقطة قاسية بالأدغال الإيفوارية
ومع ذلك، مثلما أن النجاح يعقبه تحد أكبر، واجه المنتخب المغربي إخفاقا ملحوظا في كأس أمم إفريقيا 2024، والركراكي هو الذي يتحمل المسؤولية الكاملة في الإقصاء المرير من بطولة كان يمكن التعامل معها أفضل مما كان ... فالإستمرار باللعب بأسلوب "رد الفعل" الذي لا أحد يشك أنه أثبت نجاحه في كأس العالم، لكن لم يكن ملائما للبطولة الإفريقية، حيث واجه المغرب منتخبات معتادة على أساليب لعبه واستعدت جيدا لمواجهته.
فهذا الإخفاق كان درسا قاسيا كشف عن محدودية الاعتماد على أسلوب معين دون تطوير، فأغلبية منتخبات القارة بدؤوا بالفعل يحسبون ألف حساب للمنتخب المغربي ويستعدون له بتركيز كبير.
- ويمكن القول أن أسباب الإخفاق في كأس أمم إفريقيا 2024 كانت:
1: الإعتماد الزائد على الدفاع ورد الفعل: رغم نجاحه في كأس العالم، إلا أن هذا الأسلوب أصبح متوقعا وغير فعال ضد منتخبات تعتمد على اللعب المباشر والضغط العالي.
2: التعامل مع فرق إفريقية مختلفة: أساليب اللعب الإفريقية تعتمد على السرعة والقوة البدنية والمهارات الفردية، مما يجعل المواجهات أكثر صعوبة.
3: الإرهاق الذهني والضغط العالي: النجاح في كأس العالم وضع ضغوطا كبيرة على اللاعبين والجهاز الفني، ما أثر على أدائهم في البطولة القارية.
- التحول في أسلوب الركراكي: من رد الفعل إلى الفعل
بعد الإخفاق أدرك وليد الركراكي والجهاز الفني أن النجاح المستدام يتطلب تطوير أسلوب اللعب ليكون أكثر ديناميكية واستباقية ... لذلك بدأ المنتخب المغربي بالتركيز على المبادرة في المباريات بدلا من انتظار هجمات الخصوم، وكان من أبرز هذه التغيرات:
1: اللعب بأسلوب هجومي مباشر: أصبح المنتخب يبحث عن الفوز منذ البداية، معتمدا على الضغط العالي والضغط العكسي وبناء الهجمات المنظمة.
2: التعاقد مع مدرب متخصص بالكرات الثابتة: وتعتبر هذه الخطوة أحد أهم إيجابيات وليد الراكراكي لأنه تظهر وعيا بأهمية تحسين التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفارق في المباريات الحاسمة، فالكرات الثابتة تعد مصدرا مهما للأهداف، ووجود متخصص يساعد على استغلال هذه الفرص بشكل أفضل.
3: تحسين التنوع التكتيكي: أصبح المنتخب يعتمد على عدة خطط تكتيكية، مثل التمريرات القصيرة والبناء التدريجي للهجمات بدلا من الاكتفاء بالدفاع والمرتدات، والتحولات، وبالعكس حاليا أصبح هناك تنوع محترم مع جودة فردية عالية المستوى تجعل من الطاقم الفني يشتغل بأريحية.
- أهم التطورات التي حدثت في أسلوب اللعب للمنتخب المغربي:
1: توظيف اللاعبين بشكل أفضل: بدأ الركراكي في إعطاء أدوار جديدة لبعض اللاعبين كبراهيم عبد القادر دياز، مثل الاعتماد على لاعبي الوسط للربط بين الدفاع والهجوم بشكل أكثر سلاسة.
2: الثقة بالشباب: فتح الباب أمام لاعبين شباب لإضافة دماء جديدة للفريق، مما زاد من الديناميكية والمرونة التكتيكية.
3: تحسين الإعداد البدني والذهني: وهي نقطة جوهرية للتعامل مع المنتخبات الإفريقية، فالاشتغال على هذا الجانب الذي كان نقطة سلبية أصبح مهم في مواجهة لاعبين افارقة في الثنائيات سواء الهوائية أو الأرضية.
- هل هناك تطور ملحوظ؟
بالتأكيد. التحول في أسلوب اللعب بدأ يؤتي ثماره في المباريات الودية والرسمية التي لعبها المنتخب بعد كأس إفريقيا 2024 ... النتائج الإيجابية والأداء المتماسك يظهر أن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح. ومن أبرز المؤشرات:
* ارتفاع نسبة الاستحواذ على الكرة في المباريات.
* تسجيل أهداف من كرات ثابتة، وهي نقطة كانت تعد نقطة ضعف.
* تنوع طرق تسجيل الأهداف، مما يصعب على الخصوم التنبؤ بأسلوب اللعب.
- الخلاصة:
رغم الإخفاق في كأس إفريقيا 2024، إلا أن المنتخب المغربي نجح في تحويل هذا الدرس إلى فرصة للتطور. التغير في أسلوب اللعب من رد الفعل إلى المبادرة يظهر نضجا كبيرا في النهج التكتيكي ... ومع وجود دعم إداري وفني قوي، يبدو المنتخب المغربي في طريقه للتربع على عرش القارة السمراء خصوصا وأن البطولة ستقام على أراضي المملكة المغربية، وهي فرصة مواتية لفك هذه العقدة والتصالح معها.
فعلا
ردحذفتحليل دقيق ما شاء الله